الوهم مشرف التصاميم والجرافيك ومشرف المكتبه الالكترونيه
عدد الرسائل : 1273 العمر : 36 العمل/الترفيه : مختصه بالجنون والفنون المزاج : هادئه أوسمة : تاريخ التسجيل : 23/12/2007
| موضوع: تصافح الدموع==قصه رائعه الخميس فبراير 07, 2008 12:37 pm | |
| تصافح الدموع لم يكن ليخطر ببالها أبدا,ان يحدث ما حدث!كانت تعتقد بانها اعتادت عليه,وانها باتت تعرف طقوسه وأسلوب حياته.دائما كان يغضب منها , ويتضايق ,ولا يهدأ إلا بعد فوات أيام عدة,ولهذا كانت تنتظره لكي يصالحها أو يتودد اليها بطريقة ما , على الرغم من يأسها من تصرفاته وقسوتها... كان قد مضى على خصامهما عدة أيام,ولم يبادر أي منهما الى مفاتحة الآخر.كانت تاخذ ملابسه المتسخة إلى الغسيل دون أن يرشدها اليها, وتقدم إليه الطعام في الأوقات المحددة,وحالما يدخل,وما أن ينتهي من الطعام..يغرق في قراءة الكتب والمجلات أو يراجع بعض أعماله الكتابية الخاصة بعمله.
لقد لاحظتْ عليه في المرات الآخيرة لخصامهما أنه صار حساساً أكثر مما كان عليه. يحاسبها على الأمور الصغيرة فيقيم الدنيا ولا يقعدها,ويطيل في غضبه وصدوده عنها وعن البيت. كانا بلا أولاد,وقد حاولا طيلة السنوات العشرين الماضية أن ينجبا طفلا أو طفلة بأية طريقة,ولكن دون جدوى,كان يسايرها دائما أنّ طفلهما الذي كان صغيرا هو الحب,وقد غدا كبيرا وعاليا .وهو رباطهما المقدس لروحين تعارفتا من أجل المحبة فاجتمعتا عليه,وما دام الحب موجودا ..لا شيء يهم ! ولكن رغم ذلك,كانت تظهر المنغصات هنا وهناك,وتظهر أعراض الخصام,ويتجاوزانها بهدوء,وحرد,وغضب مرات ومرات. هذه المرة بالذات أحسَّتْ أنَّ غضبه كان كبيرا وان حزنه عميق وأوجاعه تتكاثر عليه لكأنها تباغته مرة واحدة,وبقوة لا طاقة له على مواجتها, لهذا حاولت أن تسترضيه اكثر من مرة ونفر منها وكأنها ليست حبيبته حاولت أن تعيده اليها عن طريق صديقهما المشترك قالت له: أرجوك, زوجي يفتت أعصابي بتصرفاته.وأنت تعلم ليس لي اهل سواه ولا حبيب غيره هو أمي وأبي وإخوتي واطفالي أرجوك!!
وبكت على الهاتف, ولكن دون جدوى,ولكأن صديقه لم يفاتحه بالموضوع.وزاد حزنها وصارت حركاتها اكثر رعونة وقسوة وهواجسها أكثر نموا..فكرت وللمرة الأولى أن زوجها سيتركها؟! وأرعبتها الفكرة , كانت قاسية جدا حاولت تبريرها فوجدت أنَّ الحق معه لكي يفعل أي شيء وقد أخطأت بحقه أكثر من مرة,لكنها تحبه,وهو يعلم هو أنها تحبه وحده في هذا العالم.فكيف له أن يفكر في هجرها أو طلاقها.صحيح أنها تفتش جيوبه,وكتبه وحقيبته الصغيرة وتسأل عنه في العمل وتتقصّى أخباره من أصدقائه... ولكن ذلك يحدث من أجله ومن أجله تماما!!
الآن هي أمام الصالون تنظف طرف السجادة, وهو يقرأ كمية من الجرائد مرتبة قربه. الباب يقرع بهدوء, ثم بصخب تتقدم هي من الباب يطلُّ رجل شرطة بيده دفتر اسود,يسألها إنْ كانت هي مدلين فتهز راسها بالإيجاب,يقول لها,هذا تبليغ من المحكمة فتجحظ عيناها يتراجف قلبها وتضطرب يداها وتمتم:"مممحكمة؟؟!"
فيرد الشرطي ببرود:"ورقة طلاق!!"وتصرخ:"ماذا؟؟"وزوجها في مقعده مسترسل في القراءة , وكأن المشهد لا يعنيه تماما يراها وهي تأخذ الورقة من الشرطي,تقرأ ثم تتناول القلم من بين أصابع الشرطي وتوقع وهي وتتمتم له:"شكرا تبلغت!"
ودونما انفعال تلف زوجها بنظرة طويلة وتمضي نحو غرفتها ومن هناك تتعالىضجة أبواب خزانتها
الكبيرة,وتسمع اصوات فتح حقائب! وما هي إلا لحظات حتى خرجت وبيدها حقيبة واحدة كبيرة صحراوية اللون تمضي بها الى مقربة من الباب ثم تضعها وتعود أدراجها إلى الخلف تأخذ المكنسة إلى المطبخ وقد نسيتها
كي لا تشوه منظر الصالون في حضرة زوجها, وتعود إلى غرفة نومهما , تقف قبالة النافذة العريضة ذات الستائر الوردية للحظات دون إن تفعل شيئا. كان هو من مجلسه ومن خلف صفحات الجريدة يراقب سلوكها,فيراها وقد مدت يداها نحو ستائر النافذه البيضاء الداخلية تسحبها فوق الستائر الوردية الخارجية كي لا تصيبها الشمس بأشعتها فيحول لونها..تلك الستائر التي تغنى بها زوجها وأثنى على حسن اختيارها وتستدير تخُرج من أحد أدراج خزانتهما المشتركة قميصا أزرق اللون وبنطالا كحليا وجوارب كحلية أيضا لزوجها لكي يرتديها في مساء يوم الأحد كما يحب دائما وأيضا ترتب الثياب على طرف السرير ترشْهما بالعطر المفضل لدى زوجها كما اعتادت دائما .. وتستدير خارجة من الغرفة وهي تكاد تتعثر بخطواتها..وما أن توازيه حتى تراه يهب واقفا ليأخذها بين ذراعيه وقد دمعت عيناه كما دمعت عيناها ويضمها الى صدره فتتصافح الدموع ويتردد ويجيب قلباهما في لحظة توحد لجسدين وروحين في آن معاً ومن بعيد وقرب الباب ظلت الحقيبة الصحراوية على صمتها وحيدة مهملة أمام هذا العناق الحميم
ابنة فلسطــــــــــــ الوهم ـــــين الجريـــــــــــــــــــح
| |
|