في مشهد مهيب، تشيب له القلوب تابعت الجمعية المصرية لدعم التطور اليمقراطي والمركز المصري للتنمية والدراسات الديمقراطية كارثة عزبة بخيت بالدويقة أسفل صخرة المقطم التي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا الأبرياء الذين انهارت عليهم أجزاء ضخمة من جبل المقطم على رءوسهم وهم نائمون صباح السبت حيث كان جزء كبير من سكان هذه المنطقة العشوائية نائمين لم يغادروا منازلهم قبل أن تسقط الصخرات الضخمة التي تزن الواحدة منهن مابين 100 و500 طن على منازلهم التى يبلغ عددها 60 منزلا يتكون كل منزل من حوالي ثلاث طوابق ، يعيش سكان هذه المنطقة بنظام حجرة او حجرتين لكل أسرة و التي تتكون من خمسة إلى عشرة أفراد للأسرة الواحدة .
كشفت بعثة تقصى الحقائق التي قامت بها الجمعية والمركز لموقع الكارثة المنكوبة عن وجود حوالي70 مصابا ,54 قتيلا , وهناك ما يقرب من 700 تحت الأنقاض حتى مساء أمس .
وإذ تعرب الجمعية والمركز عن بالغ حزنها الشديد على تلك الكارثة التي راح ضحيتها العديد من الضحايا الأبرياء ، وتشدد على محاسبة المتخاذلين إزاء تلك الكوارث التي تحدث في منطقة المقطم ولا أحد يتحرك من المسئولين لمواجهة تلك الكوارث وسرعة إخلاء المناطق العشوائية التى تقع أسفل هضبة المقطم وإيجاد مساكن جديدة لهم كأبسط حقوق الإنسان أن يعيش في مسكن ملائم.
فقد نصت المادة (25) من الاعلان العالمى لحقوق الانسان علي أن :
(1) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
المادة(6) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية و السياسية :
(1) الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا . فيما كفل الدستورالمصري في(المادة 16) منه حق الافراد في الخدمات المختلفة فنصت المادة علي أن " تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية ، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظام رفعا لمستواها ".
واذ تؤكد الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي و المركز المصري للتنمية والدراسات الديمقراطية أن استمرار تلك المناطق العشوائية تحت هضبة المقطم قد تودي إلى كوارث اخرى ولا احد يتحرك وتظل الحكومة عاجزة عن توفير مساكن لمواطنيها، فإنها تشدد علي ان استمرار هذه المناطق العشوائية يهدد السلام الاجتماعي و يضع الحكومة في موقف العاجز امام شعبها عن تلبية اولي احتياجاته الاساسية و من ثم تفقد الحكومة شرعيتها في الاستمرار في ادرة شئون مواطنيها.
تدعيات الكارثة
لم تكن كارثة الدويقة التى وقعت صباح السبت الاسود والذى نتج عنها وجود 70 مصابا ,54 قتيلا , وهناك ما يقرب من 700 تحت الانقاض حتى مساء أمس , وهى ليست الاولى من نوعها فى هذا المكان فقد انهارت صخرة محرقة الزرايب عام 1994 وراح ضحيتها 40 قتيلا وانهارت عشرات المنازل وفشلت كالعادة قوات الانقاذ فى الدخول لموقع الحادث ثم جاءت الكارثة فى عام 1995 فى منطقة عزبة بخيت نتج عنها انهيار اجزاء من نفس الصخرة التى سقطت ولكن بدون ضحايا بشرية ثم يحدث انشطار للجبل الى نصفين عام 2007 تحت مساكن الحرفيين ولا حياة لمن تنادى لتأتى كارثة السبت الاسود وليست هى الاخيرة مادامت الامور تدار بهذا الاهمال من المسئولين وغياب الرقابة على هذه المناطق العشوائية الذين يسكونون على حافة تلك الصخور واسفلها .
الغريب ان هناك تقرير يعود لعام 1993 من الهيئة الجيولوجية والهندسة يحذر من وجود شروخ وتصدعات قد تتسبب فى كوارث اذا اهملت او استمرات قد تودى الى كارثة لا يعلم مداها الا الله .
نبذة عن العشوئيات فى مصر
تعتبر العشوائيات وأحوالها السكانية تحديًّا للنظام الاجتماعي في مصر وعقبة أساسية في مواجهة التنمية الاجتماعية والثقافية ، وتضم مصر 434 منطقة عشوائية تختص مدينة القاهرة وحدها بـ88 منطقة يسكنها حوالي 50% من سكان القاهرة البالغ تعدادهم نحو ما بين 17 إلى 19 مليون نسمة بحسب الإحصائيات الخاصة لعام 2004/2005م، وتقول الحكومة المصرية إن هذه المناطق تحتاج إلى 3.485 مليار جنيه مصري لإدخال المرافق الأساسية بها فقط، وقد لوحظ أن هذه المناطق تعتبر أداة مهمة لتفريخ الجريمة والإرهاب كما أنها تحتوي على بعض الظواهر مثل "عمالة الأطفال، وانتشار المخدرات، وغياب الوعي الصحي والثقافي".
وكشف تقرير حديث للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أنَّ 12 مليون مصري يعيشون في العراءِ بلا مأوى، وأوضح التقرير أن هؤلاء يعيشون في المقابر والعشش والجراجاتِ والمساجد وتحت السلالم، وأشار التقرير إلى أن 1.5 مليون مصري يعيشون بالقاهرة في مقابر البساتين والتونسي والإمام الشافعي وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثي وجبانات عين شمس والدويقة , ومنشية ناصر وعزبة ابو حشيش بمنطقة غمرة بوسط البلد .
شهادات حية
- شاب فى سن الخمسة والعشرون عام رفض ذكر اسمه شاهدت وقوع الكارثة منذ حدوثها وحتى الان و انها كارثة انسانية بكل المقايس نظرا لحجم الضحايا الذين راحو من تلك الكارثة و الغريب فى تلك الكارثة ان شباب واهالى عزبة بخيت هم الذين يقومون بانقاذ المفقودين تحت الصخور فى ظل غياب الشرطة وفرق الانقاذ في المساهمة في عملية الانقاذ.
- علاء احمد محمد من شباب عزبة بخيت بالدويقة يقول ان اهالى العزبة يتساءلون عن اعضاء مجلس الشعب وهم محمد حيدر بغدادي ، محمد ابراهيم سليمان وهم على علم بحدوث تلك الكارثة ولا احد منهم يتحرك لانقاذ تلك الكوارث التى تقع فى هذه الدائرة .
- من على الصخرة المنكوبة يقول شخص لم يفصح باسمه بان كثير من اهالى المفقودين يتصلون على التليفون المحمول في وسط الصخور حتي الان ويصارعون الموت الان ولا احد يتحرك لانقاذهم نظرا لكبر حجم الصخور .
- من على بُعد خطواتٍ من مكان الكارثة كانت هناك عمارة سكنية مبنية حديثًا من الخرسانة المسلحة ومكونة من خمسة أدوار، وكانت تُعرف في المنطقة أنها البناء الأعلى والأحدث في المنطقة، يقول شخص أحد سكان المنطقة: كان هناك لأب قرر أن يُزوِّج أولاده الثلاثة فى تلك العمارة ، واستطاع تجميع مبلغٍ من المال لبناء تلك العمارة ودفع رشاوى إلى مهندسي الحي حتى يتركوه يُنشئها، وأخيرًا تحقق له ما كان يحلم به ، وأكمل بناء عمارته، وزوَّج أولاده فيها، إلا أن القدر كان له رأي آخر فلم يستطع أن يهنأ بعمارته الجديدة، ولا أن يرى أبنائه وزوجاتهم وأولاده وهم يملئون عليه بيته) .
- وتقول سيدة لم تفصح باسمها الانهيار أخذ كل جيراني وأحبائي فتحت كل صخرة يوجد شخص أعرفه أو عائلة تناولتُ الطعام في منزلهم يومًا ما ولم يتبق لي بعد كل ما حدث سوى أن أشكر الله على النجاة، وأن أقول حسبي الله ونعم الوكيل فيمَن كان السبب .
- كان الأهالي قد انتقدوا السياسة البطيئة التي تعامل بها المسئولون مع الكارثة مؤكدين أنهم أبلغوا الحى و عضوى مجلس الشعب التابعة له المنطقة المنكوبة بسقوط متكرر من الصخور خلال العامين الماضيين ما أدي إلي إصابة العديد ووجود شرخ كبير في الجبل الجيري، واتهم الأهالي المسئولين بالحى بالتسبب في وقوع تلك الكارثة.
- وقال شهود عيان إن قوات الانقاذ فشلت في التعامل مع الكارثة فور وقوعها لأنها لا تمتلك المعدات الضخمة التي تمكنها من التعامل مع مثل هذه الحوادث وكان الاهالى يقولون عبارات (لاتوجد فرق اتقاذ فى مصر ). وقال الشهود إن قوات الامن اكتفت فقط بتأمين المنطقة والمشاركة مع الأهالي في عمليات البحث عن ذويهم المفقودين والمساعدة في نقل المصابين إلي المستشفيات.
- انتقد اهالى المنطقة مساكن الايواء التى وفرتها المحافظة للمتضريين وقالوا انها لاتصلح للمعيشة لانها لا توجد بها مياة ولا كهرباء ولا بطاطين للنوم .
مظاهرات واعتصامات فى الدويقة لليوم الرابع على التوالى توجد مظاهرات فى عزبة بخيت بالدويقة موقع الكارثة بسبب موقف الحكومة اتجاه الكارثة حيث يقوم اهالى المنطقة بالقاء الحجارة على رجال الشرطة ووجهوا السباب للمسئولين عن الأمن، وأنهم في حالة غضب شديد لاعتقادهم أن أجهزة الإنقاذ تعمل ببطء وبلا كفاءة اتجاه الكارثة .
النتائج التى توصلت اليها بعثة تقصى الحقائق
- صرح سكان المنطقة بأنهم ومنذ سنوات يتقدمون بشكاوى للحي ولا احد يتحرك.
- طالب سكان المنطقة ومنذ سنوات بالانتقال إلى مساكن سوزان مبارك التي لا تبعد عنهم أكثر من 200 متر، وجاء الرد "لا ينقل إليها إلا من هُدِم بيته أو لديه ضحايا !
- الغياب الكامل لدور المجالس المحلية في الرقابة وحل المشكلات فى حى الدويقة،
- انتقداد السياسة البطيئة التي تعامل بها المسئولون مع الكارثة .
- المنطقة تعد اخطر المناطق العشوائية فى مصر حيث يسيطر عليها البلطجية والمسجلون خطرًا ويفرضون على الأهالي إتاوات لحمايتهم وقضاء حوائجهم.
- تواضع أدوات الإنقاذ لدرجة بدائية ومتدنية؛ مما يفرض دائمًا تدخلَ القوات المسلحة المنقذ الوحيد.
- غياب التخطيط الوقائي والتعاطي العلاجي مع كل الأزمات مهما صغر حجمها.
- تَكرار مثل هذه الكوارث- وهو متوقع- يزيد انعدام الثقة بين الشعب والحكومة وما له من آثار سلبية.
- مظاهرات واعتصامات فى موقع الكارثة بسبب موقف الحكومة اتجاه الكارثة حيث يقوم اهالى المنطقة بالقاءالحجارة على رجال الشرطة ووجهوا السباب للمسئولين عن الأمن .
- فضيحة اصبحت معسكرات الايواء للمتضريين بالواسطة
والسؤال التقليدي:
أين ستكون الكارثة القادمة ؟ وما نوعها ؟ وكم ضحاياها ؟
التوصيات
استكمالا للدور الذى تقوم به الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطى والمركز المصرى للتنمية والدراسات الديمقراطية فى متابعة الاحدات والكوارث قامت ببعثة تقصى حقائق للمنطقة المنكوبة و شملت متابعة ميدانية للكارثة , وانتهت المتابعة الى رصد الكثير من السلبيات الانتهاكات خلال الكارثة .
وانتهت الجمعية والمركز من خلال رؤية تحليلة ومؤشرات القياس لمجريات الكارثة الى عدد من التوصيات الختامية والتى ترى امكانية تحقيقها للقضاء على هذه الكوارث .
1. ضرورة سرعة التدخل من قبل الجهات المعنية لتوفير مساكن الايواء لجميع الاسر المنكوبة
2. توفير كل الامكانيات المتاحة من اجل انقاذ الضحايا من تحت الصخور.
3. توفير مساكن ملائمة لاصحاب المساكن والاسر التي مازالت مهددة بتلك المنطقة اسفل واعلي الهضبة المنهارة
4. تفعيل دور المجالس المحلية في الرقابة وحل المشكلات فى حى الدويقة .
5. ضرورة القضاء على المناطق العشوائية فى مصر للحد من تلك الكوارث لان هذه المناطق تعتبر أداة مهمة لتفريخ الجريمة والإرهاب كما أنها تحتوي على بعض الظواهر مثل "عمالة الأطفال، وانتشار المخدرات، وغياب الوعي الصحي والثقافي".
6. ضرورة اخلاء عزبة بخيت والمناطق المجاورة لاسفل صخور المقطم منعا لحدوث الكوارث .
7. صرف تعويضات للمنكوبين وأهالي المتوفين من اثر الكارثة .
8. ضرورة الكشف عن الشقوق والصدوع المتخفية في باطن الجبل التي نشأت بفعل تسرب مياه الصرف وذلك باستخدام أحدث تقنيات الأقمار الصناعية والرادار والجسات بعد بتر العشوائيات أولا من المقطم.. هذه هي نقطة البداية لتكوين رؤية مستقبلية للاستفادة القصوي من المنطقة العشوائية المشوهة بالهضبة وتحويلها لأجمل منظر يطل علي القاهرة بموقعها الفريد المتميز..