طريق الراحة .. التعب
الدكتور عائض القرنى
لن يصل عامل إلى مطلوبه حتى يتعب ويجد ويجتهد لأنه سمة كونية { لقد خلقنا الإنسان فى كبد} . الطائر لايحصل على قوته إلا بالبحث والكد والتعب , والسمكة تذهب وتجىء حتى تحصل على قوتها , والدودة فى الطين تتحرك وتتقلب حنى تصل إلى ما يغذيها , والنحلة تطير من زهرة إلى زهرة لتحصل على غذائها , فلابد لمن أراد نجاحاً فى الحياة أن يستهين بالصعاب فى سبيل مقصوده وأن يصبر على الكدح حتى يصل إلى مطلوبه , وكثير ممن نجحوا فى حياتهم لم يأتهم هذا النجاح مجاناً ولم يصل إليهم جزافاً فهم لم يعتمدوا على مجد سابق منتسب أو ملك أو جاه عريض بل شقّوا طريقهم متوكلين على الله وقد كانوا موالى فقراء وغرباء وعجماً ولكن الفذ فى همته وطموحه وجَلده وصبره أدرك هذا النجاح العظيم فى الدنيا والآخرة لأنه ثابر وجالد وكافح بلا نسب يذكر أو جاه أو مال أو عشيرة , بينما أخفق أبو جهل وأبو لهب وأمية بن خلف مع ماعندهم من جاه ونسب ومال لأنهم أخلدوا إلى الأرض وعبدوا الهوى ورضوا بالدون وباعوا حياتهم بثمن بخس , وهذا عطاء بن أبى رباح من أكبر علماء التابعين عبد أسود أشلّ أفطس , صبر ثلاثين سنة وهو ينام فى المسجد الحرام حتى طلب العلم وحفظ القرآن وألمّ بالفقه وأصبح مفتى الدنيا فى عصره , وهذا الإمام البخارى صاحب الصحيح طلب الحديث ليلاً ونهاراً وطاف البلدان وأظمأ نهاره وأسهر ليله وأجاع بطنه وأتعب جسمه حتى صار محدث الدنيا وأستاذ المحدثين بلا منازع .
وسيبويه إمام النحو ومؤلف الكتاب الذى حار فيه العلماء وغرقت فى بحره أفكار الجهابذة هذا الرجل شقّ طريقه بنفسه فهو أعجمى ليس له أسرة مشهورة ولا مال وفير ولا منصب خطير وإنما جدّ واجتهد وجاب البوادى وقطع الفيافى حتى فاق أقرانه وأصبح نجم زمانه .
فمن أراد النجاح فليعلم أن عليه واجب المصابرة على ثغور المجد لينال الفوز والظفر . أمّا الكسالى الذين آثروا الراحة وأعطوا النفس هواها فليس لهم نصيب فى النجاح .
الطالب الذى لا يحفظ ولا يكرر ويناقش ويسأل ويثابر ليس أهلا للفوز بالنتيجة المرجوة ِ التاجر الذى لا يباشر تجارته ويحاسب عماله ويقوم بعقد الصفقات بنفسه ويطّلع على سير تجارته نهايته الخسارة الماليه الماحقة . الموظف الذى لا يراعى وقت الدوام وأداء العمل وأمانة المسئولية وحسن مقابلة الناس هذا موظف فاشل خاسر , أب الأسرة فى البيت إذا لم يقم برعاية أسرته وإدارة شؤون بيته والقرب من أولاده والإطلاع على أمور منزله أب سيىء الرعاية مخالف للشرع والعقل مخفق فى تربيته لإهله . المرأة التى لا تهتم بزوجها ولا تعتنى بنفسها وبيتها وتهمل شؤون منزلها امرأة ليس لها فى النجاح نصيب وهى تهدد نفسها بالفراق أو حياة الفشل والضياع . إن النجاح معناه أداء الواجب على أكمل وجه وتحمل المسئولية والدقة فى القيام بالعمل وإرضاء الضمير واحترام الآخرين وإتقان الحرفة والصبر على المتاعب ومخالفة النفس الأمارة بالسوء والشيطان والهوى وأصحاب السوء .
ـــــــــــــــــ
وبذلك قد قدمت اليكم احبتى فى الله ثلاثه موضوعات للدكتور عائض القرنى
نفعنا الله واياكم بها
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ولا تنسونى من صالح دعائكم