مروان في العاشرة من عمرة، رغم صغر سنه لكنه رجل كبير في عقله ، فقد ساقه يوم أن فقد ابيه في قصف يهودي علي بلدته غزة في فلسطين، رغم أنه أعرج لكنه سريع الخطي يساعده عكازه المعدني اللامع في حركته ،تراه يبيع الخبز الذي تخبزه امه ليلا ليعود لأمه بحصيلة بيع الخبز حاملا بعض الطعام، هاهي أمه تسهر ليلها أمام حرّ الفرن تخبز ما سيبيعه مروان في اليوم التالي رغم انها في شهرها الأخير ، نسيت أم مروان متاعبها من أ جل أن تجد طعاما لأولادها تساعدها ابنتها ياسمين الصغيرة بنت الخمس سنوات ياسمين الصغيرة كأنها ذات خبرة الكبار في أعمال المنزل أخذ مروان يسمع أمه أيات القرآن التي يحفظها يزميا ، فقد تهدمت مدرسته و فقد أباه ،و فضل العمل ببيع الخبز عن إكمال التعليم لإطعام امه و فكر في حفظ القران ليعوضه عن مدرسته التي فقد التعليم فيها رغماَ عنه ، انه يعتمد علي امه في تعلم القران ، مر بخياله أطفال اليهود يلعبون و يمرحون ، و بدرّاجاتهم يتسابقون ،لم ينس يوما قسوة الشرطي يهودي الذي اخذ كل الخبز ظلما و عدوانا و أخذ حصيلة نقوده و كيف خاف اليهودي من عكازه اخذ يتذكر و يحك من جبن اليهودي الخائف من عكاز مروان الأعرج و هو يطاردهم بالحجارة و في اليوم التاليكيف كسر عكازه المعدني كسَر زجاج سيارات اليهود لكنهم عاجلوه بضربه تهدف لكسر زراعه كان يوما قاسيا مؤلما
يبدو انه اليوم اشد قسوة من قبله ، انها امه تصرخ من آلام الولادة ، أمه تريد طبيبا او ممرضة ظل يحتضن امه مرة و يرفع يديه الي السماء داعيا ربه مرة و اخته ياسمين تبكي ربما تبكي جوعلا او تبكي لبكاء امها ، ماذ أفعل يا اماه الحصار يطبق علي غزة نفد الدقيق فلم نفد القيق فلم نخبز حتي ما نأكل ،و لم نجد وقودا حتي نطبخ طعاما ،لقد قطعوا الكهرباء و منعوا الماء لقد توقف كل شئ ، يا الله ، ، بعنا السرير بعنا الدولاب يا أمي لم يعد هناك شيئا يبقي لبيعه، لم يتبق الا عكازي ، سأبيعه يا أمي لأجد لكي دواء ، سابيع ما ألبس فداكي أنتي يا امي ، لا يا مروان عكازك يسندنا جميعا لا تبع عكازك يا ولدي ، قالتها الأم و هي تتألم ، خرجوا الثلاثة ليجدوا مخرجا و الحصار قد منعهم كل شئ الظلام جعل المدينة سودا حالكا ، الأم تغطي نفسها و أولادها ببطانية لا تغني من شدة البرد القارس الرعد و المطر
يالها من قسوة و ياله من موقف عصيب الي أين يا أماه ؟ المستشفي بعيدة من هنا و لا أظن صيدلية مفتوحة ، ماذا؟؟؟ انها صفارات الإنذار تسبق غارات اليهود علي غزة ، قطعت إنفجارات الغارا ت و أزيز الطيارات أضواء انفجارات و دخان كثيف اصوات صفارات الإنذار " احتمي مروان و ياسمين بامهم و :انها الحصن المنيع الأخير الذي يحميهم الصراخ مكبوتا غير أن هناك صرخات قتلي و آهات جرحي هنا و هناك و الأم تستند الي مروان، و مروان يعتمد علي عكازه و ياسمين تتشبث خائفة بامها ، نسيت الأم آلامها و أخذت تحتضن طفليها قائلة: لا تخف يا مروان ، لا تخافي يا ياسمين ، لا لا تخافوا تهمس الأم و تقبلهم و تحتضنهم ، أنفاسها الساخنة آهاتها اللاهثة تبعث دفئا علي و جوه خائفة ، لا تبكوا يا أبنائي تتابع ام مروان تطمئن أولادها ، ساعيش و ستعيشوا حتي يولد صلاح الدين انه اوشك ان يولد صلاح الدين ، نعم يا مروان نعم يا ياسمين ، اخوكم صلاح الدين قادم ، و انت يا مروان ستسير بعرجتك الي الجنة ، سياتي صلاح الدين يفك الحصار و يفك قيد المسجد الأقصي الأسير و يخلصنا من كابوس اليهود الخنازير انها فذيفة تنزل عليهم يا الله صرخ و صرخوا دارت الدنيا بها الدنيا تدور حولها انفاساهم كادت انت تختنق
تسقط الأم علي الأرض لسقوط ابنها مروان ،ما زالت تصرخ ياسمين و انقطع صوت مروان صرخت : ولدي مروان .. مروان لم يجبها مروان أدركت قبلته اغمضت عينه باكية ستلحق بابيك شهيدا يا ولدي لتسير بعرجتك في الجنة القاك غدا هناك يا مروان ، قطع صراخ الوليد الجديد صمت الكون بعد هدوء الغارة انه الوليد بدا يولد، عالجت نفسها الأم نعم يا ياسمين اسمع صراخ الوليد الجديد ، انه ولد ولد يا ياسمين اسميه صلاح الدين ، و نظرت لرضيعها و اختلطت دموع الألم و بدموع الأمل و دموع الشهيد بدموع الوليد الجديد ، اخذت ترضعه و تقول أنت صلاح الدين أنت صلاح الدين لتكن انت صلاح الدين ، بكت و بكت ام مروان
واه واه يا ولدي إن لم تكن أنت فهل فيكم صلاح الدين يفك الحصار و يفك قيد الأقصي الأسير
و يخلصنا من كابوس اليهود الخنازير ، هل فيكم صلاح الدين هل فيكم صلاح الدين