لم يتمكن حامد عبد الله (40 عاماً) من سكان مدينة غزة، اليوم، من زيارة شقيقته التي تقطن في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، ليبارك لها بزواج ابنها، بسبب أزمة المواصلات الناتجة عن وقف إسرائيل تزويد القطاع بالمحروقات.
وأدى حرمان إسرائيل قطاع غزة من إمدادات الوقود، لا سيما البنزين والسولار، إلى شل حركة النقل والمواصلات، وبالتالي تعطيل مصالح المواطنين المختلفة ومن بينها العلاقات الاجتماعية.
'تزوج ابن أختي قبل شهر تقريباً، ومنذ ذلك الوقت أحاول زيارتهم في خانيونس لكن دون جدوى لعدم وجود مواصلات' قال حامد.
وأضاف: 'إنني محرج جداً من أختي جرّاء هذا الموقف والذي يجب أن أكون متواجداً معها لأشاركها فرحتها بزواج ابنها البكر، لكن هذا هو حالنا الذي لا يخفى على أحد'.
وللتخفيف من هذا الموقف الذي وصفه حامد بـ 'المحرج'، قال: 'قمت بالاتصال بشقيقتي هاتفياً وباركت لها وطلبت منها العذر فهي تعلم الوضع السائد في قطاع غزة'.
لكنه أكد أنه سيقوم بزيارة شقيقته لأن هذا واجب عندما تحل أزمة المحروقات التي شلت جميع مناحي الحياة في قطاع غزة.
يذكر أن إسرائيل تفرض حصاراً مشدداً على قطاع غزة منذ الخامس عشر من حزيران- يونيو من العام الماضي، ما أدى إلى تدهور جميع مناحي الحياة.
ولا يختلف حال حامد عبد الله كثيراً عن حال المواطن عبد القادر حمّاد من سكان تل الزعتر شمال قطاع غزة، الذي لم يتمكن منذ شهر من زيارة شقيقه الكبير القاطن في مدينة الزهراء شمال مدينة غزة للاطمئنان على صحته.
وعبر حّماد عن حزنه الشديد من هذا الوضع الذي وصلنا إليه في قطاع غزة، حيث حرم الأخ من زيارة أخيه والولد من زيارة والديه والطالب من الوصول إلى مدرسته أو جامعته والمريض من الوصول إلى المستشفى أو العيادة لتلقي العلاج.
وقال: أصبح الهاتف والدردشة على الإنترنت 'المسنجر' الوسيلة الوحيدة للتواصل بين المواطنين في قطاع غزة، خاصة ممن يبعدون عن بعضهم البعض، بسبب أزمة المواصلات.ورأى أن أزمة المواصلات الناتجة عن الحصار الإسرائيلي شلت جميع نواحي الحياة في القطاع بما فيها النواحي الاجتماعية، لافتاً إلى أنه في حال فكرت بالخروج لأمر ما فإنك تحسب له ألف حساب خاصة إذا كان المشوار بعيداً.
وبين أن هناك بعض السيارات تعمل على الغاز المنزلي وهي قليلة لا تلبي احتياجات المواطنين وكثرة عددهم، ما يضطرهم إلى السير على الأقدام.
من ناحيته، قال الدكتور بسام أبو حشيش أستاذ التربية في جامعة الأقصى بغزة، إن الحصار الإسرائيلي ليس بالسياسة الجديدة بل هو نهج قديم تواصل إسرائيل تطبيقه بحق الفلسطينيين منذ بدء احتلالها للأراضي الفلسطينية.
واعتبر حالة الحصار هي القاعدة، فيما الاستثناء هو تمكين المواطنين من التمتع بحقهم في حرية الحركة.
وسلط أبو حشيش الضوء على مؤشرات عدة أبرزها: معاناة الطلبة جراء نقص المستلزمات المدرسية وعرقلة وصول مئات الطلبة لجامعاتهم، فضلاً عن تدهور الأوضاع المعيشية والصحية للسكان، إضافة إلى توقف تبادل العلاقات والزيارات الاجتماعية بين المواطنين بسبب أزمة المواصلات.
وقال: إن الكثير من المواطنين في قطاع غزة حرموا من زيارة أحبتهم وأقربائهم وأصدقائهم ومشاركتهم الأفراح والأتراح بسبب الحصار الإسرائيلي، وبالتالي مس الحصار جوهر العلاقات الاجتماعية بين المواطنين.
وكانت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، حذرت في تقرير لها أمس، من أن التداعيات الخطيرة لاستمرار الحصار قد بدأت تنعكس على مجمل الحياة العامة للفلسطينيين في القطاع، حيث تحولت بعض المناطق في القطاع إلى ما يشبه مدن الأشباح خالية من أي حراك اجتماعي أو اقتصادي بسبب أزمة الوقود، وصعوبة إيجاد وسيلة مواصلات، بعد أن توقف أكثر من 90% من المركبات ووسائل المواصلات.
ــــــــــــ